( قانون جاستا ) عندما قلت طبيعي ان تقر امريكا مثل هذا القانون وهي التي لا ترى أحدى سواها ، هي البطلة وهي السيناريست وهي المنتجة وهي المشاهد وهي المسوق الإعلاني والتجاري وهي التي تتلذذ بالمشاهدة وتستمتع حتى لو لم يكن هناك علبة فشار وعصير من العنب الفرنسي.
حينها اتهمني أحد اصدقائي بالحذلقة ، هذا القانون الذي أقره الكونجرس هو لمحاكمة السعودية بتهمة تورطها في قضايا الارهاب وحادثت تفجير برجي التجارة في احداث ١١ سبتمبر وينص هذا القانون على حجب الأموال السعودية في الولايات المتحدة لصالح ذوي الجرحى والمتوفين في الحادثة.
أولاً قبل الخوض في شرعية هذا القانون وما يترتب عليه من ازمات استراتيجية واقتصادية يجب علينا ان نعرف ان هناك ما يسمى بالمصالح المشتركة ( التضاد والتقابل ) بين الدول وخاصة ما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية المشكلة هنا على وجه التحديد و التي تواجهها الولايات المتحدة مع السعودية هو المشروع العملاق السياسي والاقتصادي القادم للسعودية ، وهو ان النظام السعودي القادم يعي تماماً أن الامريكيين جاهزين للزج بهم وبيعهم في اية لحظة سواءً عبر الربيع العبري او نحو ذلك فالأمريكان سمعوا على مرمى اسماعهم من المملكة انها تقول الأمريكيين لم يعودوا اصدقاء لنا وهذا النحو يشمل جميع الدول الخليجية فلا توجد دولة واحدة خليجية تتعارض سياستها مع السعودية عدى عمان وهي أسباب غير استراتيجية أسباب ربما في ابرزها ترسيم الحدود البحرية مع ايران وبعض الاحتقانان الحدودية مع دولة الإمارات والعلاقات الحدودية مع اليمن وهذه أمور ارثها تاريخي قديم لسنا بصدد التحدث عنها ولذلك اي ابتعاد او انقطاع بالعلاقات السعودية الامريكية سوف يصحبها انقطاع العلاقات بالدول الخليجية الأخرى بنفس القدر وبنفس المسار وهذه ورقة يمكننا البناء عليها وهي تجربة للسعودية بعد تحرير الكويت وقعت السعودية ودول الخليج بفخ التفاهم وأن النظام الايراني يمكن التعاون معه على عكس امريكا التي كانت تقضي بمحاصرة واحتواء ايران ، وذلك نتيجة أن الخليجيون الذين تضرروا من صدام حسين ظنوا أن الإيرانيين عقلاء عكس ماكنوا يعملون , الإيرانيين الذين جعلوا هزيمة صدام حسين تكملة للحرب الإيرانية العراقية على حساب الجميع وهذا الظن الحسن الذي قاد بعض زعماء دول الخليج لحضور القمة الإسلامية في طهران ودور الوساطة بين ايران والولايات المتحدة وحتى تكشفت كل الأوراق مع أول اصطدام في غزوا العراق من امريكا عام ٢٠٠٣ وتعاون الإيرانيين مع امريكا التي أجبرت على ايران , اذ أنه لم يكن هناك غير ايران تتحالف معه امريكا لفك غمار بلاد العراق وتطويقه بأقل مدة وأقل تكلفه والإطاحة بصدام حسين فالشيعة بالعراق تابعين لإيران والقوات الامريكية العائدة من العراق للكويت تمر بمناطقهم فقتل خمسين جندي امريكي كفيلة بأن تهيكل السياسة الامريكية ولذلك أتيحت الفرصة للإيرانيين بأن ينفشون عهن العراق حيثما يشاؤون ، هذه اللعبة كشفت للخليجين ان ايران تستهدفهم عبر الثلث المعطل عبر ابتزاز السعودية بالقطيف والحوثيين باليمن وعبر ابتزاز بقية دول الخليج بالأقلية التي تأتمر بعض رموزها بأوامر ايران .
وبالتالي خلق هذا الصراع السني الشيعي الفارسي العربي هو من مصلحة امريكا وبتنفيذ المطايا في ايران لا يضير الامريكان أن تصبح البحرين تابعة لإيران ستبقى القاعدة الامريكية كما هي وخصوصا أن الامريكان الآن لا يستوردون النفط الخليجي ولكن حرصاً على النفط الخليجي لصالح الحليف الصيني فقط وبالتالي قضية السيطرة والتغلغل الايرانية هذه قضية داخلية ليست استراتيجية ولا تضير امريكا بشيء ناهيك عن أن العبادي والمالكي هم خدم للأمريكان يطيعون الأوامر ويمسحون جزم اعضاء الكونجرس وبنظافة باهرة رغم انوفهم ، تتحرك القوات الامريكية ضد القاعدة ومع القاعدة هنا وهناك وليس لها علاقه في بغداد تسرح وتمرح امريكا في العراق ولا تنبس ببنت شفة حكومة بغداد هذه حكومة صورية فقط تابعه لإيران لا تشكل أي قيمة عند الامريكان فالعراق قد انتهى كما هو الحال في سوريا.
تبقى السعودية ؟ السعودية نبتت كمشروع مفزع بعد عاصفة الحزم ، أقامت تحالف ، تمتلك قوة عسكرية اقتصادية كبرى ، شنت حرب دون اذن مسبق ولا انذار ، هذا التضاد نظرت إليه امريكا بأنه مشروع يستحق أن يكون وتصفق له رغم ايماءاتها بعدم الرضى ولكن هي تنظر للسعودية انها دولة ذكية وذكية جداً ودولة ايجابية ولا يمكن ان يكون مشروعها تخريبي في المنطقة مثل مشروع جمال عبدالناصر او صدام حسين الخ.
وتعلم امريكا انها بلاد الحرمين ولا يمكن لأي دولة تحارب الارهاب وهي تخسر السعودية ولايمكن ان يزهر وينمو أي اقتصاد عالمي وترتفع صادراته النفطية وهو يخسر السعودية ، ومع ذلك نرى التهم منهم هنا وهناك ! ارتداد قيادة المرأة ، وتقويض الديمقراطية ، والوصم بالوهابية ، والزج بنا في التطرف والارهاب وداعش والقاعدة والنصرة الخ وكما ذهب النجس محمد جواد ظريفي الايراني وكتب بالنيويورك تايمز يقول في مقاله حاربوا اصول التطرف وداعش في السعودية وهذه كما ذكرت في مقالي السابق والذي كان بعنوان ( الوزير السعيد ) وهي أن السعودية تحتاج إلى ماكنة وهالة إعلامية ضخمه وللأسف هي غير موجودة ، ومع هذا فإن امريكا نظرتها لا تحيد على أن السعودية هي دولة عظمى قادمه فالصفقات التجارية هنا وهناك ، الرئيس الصيني يأتي إلى السعودية قبل أن يذهب إلى ايران ، الأوربيون يخافون من فتور العلاقات مع السعودية وليس زوالها ، امريكا تنظر للسعودية هي البترو دولار وليست فقط الكعبة والمدينة والإسلام ، هي تسعيرة النفط بالدولار ولك ان تتخيل لو ذهبت السعودية ودول الخليج للتسعيرة النفط باليورو ماذا يحدث ؟ ارباك وتدمير للاقتصاد العالمي عن بكرة ابيه!.
الموجودات السعودية في الولايات المتحدة الثانية بعد موجودات الصين واليابان قبل الموجودات الألمانية والنروجية ، ولك ان تتخيل لو ان السعودية باعت سنداتها في الخزينة الامريكية سوف تحل كارثة في الاقتصاد الأمريكي وكارثة عظيمة وبالتالي هذا القانون (جاستا ) هو قانون شعبي ولايمكن معارضته من قبل النواب فقد يمرر حتى لو تم نقض الفيتو من قبل الرئيس قد يقر بأغلبية الثلثين عند التصويت ولكن القانون الأصلي الموجود الصادر عن وزارة الخارجية الذي يقضي بمقاضاة الدول والبلدان الراعية للإرهاب في الحقيقة لم تكن السعودية موجودة في القائمة وبالتالي السعودية لا تعتبر راعية للإرهاب عكس ما طبق على ايران بالحكم الصادر من محكمة نيويورك المتسببة في احداث ١١ سبتمبر حيث تم الحجز على الاموال الايرانية لذوي الضحايا ، اما السعودية فهي حليف دولي استراتيجي للمحاربة التطرف والقضاء على داعش والارهاب والاهم أنها دولة عظمى والأهم انها الدولة المسلمة الأهم ، وليس هناك مجال أو ثغرة في القانون عدى ملاحقة مسؤولين سعوديين إذا كان هناك منفذ بتهمة دعم القاعدة ولا يخفى أن اسامه بن لادن كان مسؤول التنسيق المخابرات الامريكية في أفغانستان ضد الاحتلال السوفيتي ونذكر جميعا أن السعودية قاطعت الاولمبياد في السوفييت بسبب غزو واحتلال أفغانستان وكان الدعم من الكويت وقطر والبحرين والاردن ومصر ليست السعودية لوحدها حتى أن الامريكان زودوا المجاهدين بصواريخ استنقر وبالتالي امريكا هي على رأس القائمة إن أرادت أن تقاضي ولكن في آخر مؤتمر خليجي انعقد حضره السيد اوباما قال بأنه لا يمكن أن يطبق القانون وهذا أمر بديهي فهناك شيء يسمى بحصانة الدول وإذا قر القانون وطبق تستطيع الدول العربية أن تقر قانون يقضي بمحاسبة الولايات المتحدة جراء سياساتها بالشرق الأوسط كدول وشعوب متضررة ولذلك يقول اوباما يمكن لكل الاشكالات أن تحل دبلوماسياً لا عن طريق المحاكم مثل حادثت لوكربي والتسوية مع الليبيين، ناهيك عن أن هذا القانون سوف يجعل واشنطن ضعيفة جداً أمام دول الحلفاء في الشرق الأوسط وأعتقد أن عادل الجبير أهداهم ورقة في مارس الماضي بأن السعودية سوف تبيع سنداتها في الخزانة الامريكية وأعتقد هذا التصريح كفيل بأن يجعل الأمريكان أن يتورعوا عن أي رعونة أو حماقة قد يرتكبونها بحق السعودية أو دول الخليج ويصرح إحدى السنيتورات القانونين يقول على المدعين لكي تثبت إدانة المدعى عليه عليهم أن يثبتوا تورطهم المباشر في القضية وكما يقولون تلمس إحدى خيوط مجريات التحري يحتاج إلى سنوات ولا يوجد هناك قضائياً قانون يجبر السعودية عن التعويض عن أي إضرار والأمر الأكثر تعقيداً أنه يمس السعودية وهي الحليف استراتيجي الكبير البالغ الأهمية للولايات المتحدة فمن عام ٢٠٠١ وحتى ٢٠١٥ اشترت السعودية سلاح من الولايات المتحدة بقيمة ١٥٢ مليار ولذلك الشعور بالخسارة لحليف مثل السعودية هي خسارة لمحاربة التطرف والارهاب في العالم الاسلامي وأهم ما في هذا هو استقرار اقتصاد الحليف الأكبر للحليف الصيني ، فالمملكة هي شريان الاقتصاد للشريك الصيني وفي النهاية لا ننسى أن قيمة السندات السعودية في الخزانة الامريكية تتجاوز ٦٠٠ مليار دولار وهي تقع ضمن أكبر الدول المستثمرة في امريكا بعد الصين واليابان والمختصون يقولون ٦٠٠ مليار هذه لا تشمل الاستثمارات الأخرى سواء كانت حكومية او خاصة و هناك ثلاثة ترليون دولار سعودي خاصة وعامة في السوق الامريكية وفي آخر تقرير أصدرته وزارة الخزانة الامريكية عن حجم الأصول التي تملكها السعودية وبعض دول الخليج هي ٦١٢ الف مليون دولار إلى جانب سيولة في البنوك الامريكية والتي تبلغ بقيمة ٢٨٥ ألف مليون دولار تضاف إلى سندات دين آجله بقيمة ٢٦٤ مليار دولار وسندات عاجلة بقيمة ٦٢ مليار دولار ولا ننسى أن هناك ايضاً أكبر الشركات العملاقة تتواجد في امريكا، قبل فترة اشترت ارامكوا أكبر مصفاة بترول في الولايات المتحدة وهي مصفاة بورت آرثر في تكساس وتعتبر درة المصافي في الولايات المتحدة الامريكية هذه المصفاة تكرر ٦٠٠ الف برميل نفط يوميا وهذه المصفاة هي مملوكة لشركة ارامكوا السعودية وبالتالي لا يوجد أي قلق او متغير دراماتيكي ، ما يحدث هي دعاوى وقضايا واثارة ضجة وبلبلة ومحاولة لفت انتباه احمق وملاطفة حبايب.
خالد العزاب
جاستا
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6298712.htm