ها أنا ذا أعود مرة أخرى للصديق بل للأخ العزيز سعيد بن صالح آل نعمه ، للنبش في ثنايا الروابط الجميلة التي ربطتني به خلال وجودي العسير في عسير ، التي عاسرتني فعصرتني عقليا لضيق مساحة التحرك العقلي هناك لمن هو مثلي أتى من منطقة مضيئة لمنطقة ضوئها العقلي خافت وقد حاول أبو عبد العزيز مساعدتي بتخفيف الرزء عليّ وأن يجعل منها يسرا وسهولة عليّ لكن الطبع غلب التطبع وأبو عبد العزيز قد أخذ مناعة ضد السلبيات في حياته التي تحيط بالمكان والإنسان في أي مكان من قديم الزمان جبله عليها والده العظيم المرحوم ـــ بإذن الله ـــــ الشيخ والداعية الأول في منطقة عسير صالح آل نعمه أسكنه الله فسيح جناته .
كانت منغصات الحياة وناسها السلبيين الذين أقابلهم في الأمكنة العامة والطرقات بشكل يومي قد شوشة على ذاكرتي بعض ما علق بها من إيجابيات منّ بها عليّ أبو عبد العزيز إبّان صحبته أو بالأصح جيرته الأثيرة على نفسي لكبر عقله وعلمه ومقامه التفكيري وتعامله الإنساني والأخلاقي وتحاورنا في كل الشؤن والاشياء وتوافقنا العقلي والفكري مما جعل التقائنا سهلا في عسير العسيرة ، لكن أبو عبد العزيز مثلما كان مفاجئا رائعا لي في عسير فاجئني خلال الاسبوع الماضي عبر الواتساب بتقرير صحفي مصور جميل ورائع ، مثل روعته عن عسير نشرته مجلة العربي الكويتية عا1389هـ. وقد أرسلته لأبي راكان لعله ينشره في صحيفتنا الرأي لقيمته التاريخية والاعلامية والفكرية وأظنه يفعل . هذا التقرير أعادني به ابا عبد العزيز لمراحل تشكّلي الأوليّة في القراءة التي دفعتني للصحافة . قلت لأبي عبد العزيز عبر الواتساب ، هذا العدد كان لدي حينها مع عدد من الكتب القيّمة والمجلات التخصصية الثقافية مثل القافلة وغيرها . وقد قرأته في حينه ، ولأننا من مجتمع لايفقه من الثقافة إلا اسمها أمس واليوم وسوف نبق كذلك حتى يتغير المنهج التعليمي السالب والمعلمين السلبيين في حياة النشىْ ، فقد كنا كلما غيرنا السكن نأخذ مالدينا من كتب شريناها بالريالات على شحها في حينها ونرمي بها بيعا تافها بالقروش في حراج ابن قاسم حينما كان محاذيا لجامع الامام تركي بن عبدالله و قصر الحكم .وكثيرة هي الامكنة التي ارتحلنا منها واليها في مدينة الرياض وكثيرة هي الكتب والمجلات المتخصصة الثمينة التي اقتنيناها ورميناها أو بعناها بما يشبه الاهداء في ذلك الحراج حتى بعد انتقاله الى منفوحة .وكنت لشغفي بالقراءة الجأ للمكتبة الوطنية التابعة لوزارة المعارف في الغوطه بشارع الوزير أقرأ ما أريد من الكتب وكلها كتب ثمينة من بعد العصر حتى ما بعد العشاء وكان روادها معدودين ؛ لأن الفراغ كان ضاربا اطنابه والمجتمع جاهل بدرجة ممتاز مع مرتبة الغباء الأولى ولم يكن أحدا يفكر في استثمار الوقت لتطوير العقل وإنما كان التفكير في كيفية قتل الوقت حتى بدأ الاهتمام بالتراب الذي اهتم به الناس على طريقة اليهود في حب الدنيا فأصبحوا في حياتهم ترابيين مثل النمل والقوارض حتى حاز الأمي والبدوي على لقب شيخ من التراب وليس من العلم ، مما دفع الملك فهد رحمه الله لاصدار أمر بمنع استخدام كلمة شيخ لمن ليس بعالم دين ولكن هيهات أن يقضى على فيروس الجهل وأسبابه في أماكن ترعرعه وبيئته إلا بالعلم ، فأين المعلم !!!
هذا التقرير الصحفي لمجلة العربي الكويتية اعادني للحديث عن أبي عبد العزيز الذي نبغ مبكرا كصحفي في قسم الاعلام بجامعة الملك سعود فاحدث ضجة كبرى بأعماله الصحفية المثيرة بين الإدارة والأساتذة والنظام العام للجامعة وذلك باستضافته لرمز من رموز الجامعة المفصولين حينها في لقاء صحفي موسع في صفحاته التي كان يقدمها بالرسالة فقال لهم " أنا ما يهمني ماتعانون ما يهمني هو ما تقرؤون " . وأيضا بتميزه واسبقيته في تقريره الصحفي في صحيفة الرياض عن كل الصحافيين بالمنطقة الوسطى وهم كثر حينما داهمة السيول مستشفى الملك سعود بالخرج وكان الوحيد الذي دخل المستشفى مع السيول وخرج حينها بالتغطية المتكاملة للحدث حتى ضرب به الأستاذ تركي السديري وبشباب الجنوب المثل كأفضل صحفي بين اقرانه ثم كان تقريره التلفزيوني على حدود اليمن مع اليمنيين حينما وقف عفاش مع صدام ضد المملكة وحصول أبا عبد العزيز على تقرير مميز للتلفزيون السعودي مما دعا الملك فهد رحمه الله للتوجيه بإعادة بث التقرير أكثر من مرة لتميزه الذي هو من تميز الرائع أبا عبد العزيز الصحفي والعلمي والأخلاقي والتربوي المجتمعي .
هذا التقرير لمجلة العربي الكويتية اعادني لابا عبد العزيز وارشيفه الخاص الذي اطلعني على جزئية منه وفيه تقرير صحفي نادر وقديم اعده عن ابها معالي الدكتور حمود البدر استاذ العلاقات العامة بجامعة الملك سعود والامين العام السابق لمجلس الشورى اعده معاليه وهو طالب اعلام مبتعث للدراسة في مصر من جامعة الرياض قديما الملك سعود حاليا أعده معاليه عن أبها بعد ضربها من قبل الطائرات المصرية عام 1382هـــ. وكان حينها معاليه عائدا لتوه مع الطلاب السعوديين الذين الغيت بعثتهم من مصر بعد الخلاف مع عبد الناصر حول اليمن .ويقول أبو عبد العزيز إن الدكتور البدر كان يمازح الطلاب عن ذاته ويقول لهم بالله عليكم هل هذا وجه استاذ رجل علاقات عامه وهو يعني نفسه لأن وجهه كان مجدورا ومعروف أن العلاقات العامة تعني جمال المنظر والحسن ليكون لصاحبه قبولا لدى الاخر وهذا دليلا على صدقية الدكتور البدر مع طلابه وكأنه يجاري الجاحظ الذي قال عن نفسه حينما نظر في المرآة لدمامته .. قبح من وجه ..... وقبح حامله ..
هذا التقرير الصحفي عن ابها سأحاول الحصول عليه مصورا من ابا عبد العزيز ونشره في صحيفتنا الراي لقيمته التاريخية أنسانا ومكانا وثقافة ..
ومن علامات نبوغ اباعبد العزيز انه اختير من جامعة الملك سعود ليكون ضمن الوفد الطلابي الجامعي السعودي المتفوق الذي زار الامارات العربية المتحدة ولقائهم بالحكام هناك برئاسة الشيخ زايد ومحاورتهم ومن تميزه انه في الالقاء تتلمذ على يد الا ستاذ فائق فهيم استاذ الالقاء التلفزيوني والخطابي بالجامعة وهو بالمناسبة من القى البيان الاول للعبور في حرب العاشر من رمضان . وكان كثير من اساتذة قسم الاعلام يأخذون ابا عبد العزيز معهم في كل محاضراتهم التي يدعون لإلقائها في الجامعات والدوائر الحكومية ومراكز الثقافة بالرياض لانهم قرأوا فيه الوعي والقيمة والثقافة والعلم واسباب التفوق وليصنعوه على اعينهم ليكون زميلا لهم ولكن جرت الرياح بمالا يشتهي الربابنة فعاد بحار الاعلام أبو عبد العزيز للجنوب وما خسر .
ولأن أبا عبد العزيز كان واثقا من نفسه ومن مهنيته الإعلامية التي ميزته كان له مواقف صحفية تحريرية ورسمية مثيرة مع المرحوم الامير سلطان بن عبد العزيز خلال زياراته الكثيرة للجنوب باعتبار أباعبدالعزيز كان مندوبا لوكالة الانباء السعودية في عسير وكان ملازما للأمير خالد الفيصل حتى أنه ذات يوم وحينما سلم الامير خالد من الصلاة كان ابا عبدالعزيز عن يمينه فسأله الامير باستغراب هل لدي مناسبة اليوم فقال له أباعبد العزيز نعم لديك مناسبة كذا فقال الامير لولم تصلي معي لما تذكرت .
ومواقف أخرى علّم فيها أبا عبدالعزيز كثير من الاعلاميين والصحفيين بعض ابجديات العمل الصحفي كما حصل منه لقينا ن الغامدي في يوم افتتاح صحيفة الوطن وكيف ان ابا عبد العزيز انتصر لمهنته من الابتذال والغطرسة حتى ترجاه قينان أن لايخذل الوطن ويخذله امام الامراء والقراء . لأبي عبد العزيز سيرة عطرة في الاعلام والصحافة قمتها كونها مهنة وليست وظيفة وله مواقف كثيرة بين الطريفة والجميلة مع الرموز الاذاعية ومنهم الاستاذ غالب كامل الذي كان له موقف طريف مع أبا عبد العزيز ويقول عنه الاستاذ سعيد ان ذلك الحس الاذاعي من غالب كامل يعادل من حيث الفائدة له كمذيع مبتدئ فصلا دراسيا كاملا بالجامعة بحيث يكون المذيع مهيأ لقراءة النشرة بوقت ملائم حيث لاحظ عليه الاستاذ غالب سرعة النّفس في بداية افتتاح الفترة الصباحية التي تسبق قراءة نشرة اخبار السادسة صباحا من الاذاعة نظرا لتأخره حيث حجز احد جيرانه سيارته فتأخر عن الموعد مما دعا غالب كامل للاتصال به من منزله وهو يتابعه لأنه المسؤول عنه وعن اذاعة القرآن الكريم وطاقمها الاذاعي للاطمئنان عليه وسؤاله عن أسباب الارهاق للنّفس الذي أحسه الأستاذ غالب وهو يتابعه عبر المذياع وهل يستطيع قراءة النشرة بدون مشاكل تنفّسيه ودون أخطاء .
نعود للحديث عن علاقتي بابي عبد العزيز وتحاورنا الذي كان من تميزه التعرف على شقيقه العقيد او العميد الدكتور عبد العزيز والذي كان الاستاذ المشرف على رسالته للدكتوراه صاحب السمو الملكي الامير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز وهذا دليلا على تميز كامل الاسرة الآتي من تميز والدهم المرحوم بإذن الله الشيخ الداعية صالح آل نعمه والذي كان ضمن الجيش السعودي المشارك في حرب 1956م أي العدوان الثلاثي على مصر من فرنسا وبريطانيا والكيان الصهيوني .
كان الشيخ صالح يؤدي ثلاثة ادوار هامة معا في الجيش فهو رامي مدفع واماما للجيش وامين اعاشة وذخيره . ولصيته وعلمه الديني دعي حينها من قبل امين الحسيني شيخ المجاهدين الحقيقين في فلسطين وليس كما هم ادعياء الجهاد في هذا الزمن الرديئين اهله دعي الشيخ صالح لإمامة المسلمين في المسجد الا قصى والصلاة فيه وزيار ة الأماكن الدينية الأخرى هناك وكان له حظوة متميزة لتميزه الديني في تلك الزيارة .
وبعد أن عاد الجيش السعودي الى المملكة ترك الشيخ صالح العسكرية وتفرغ للهيئة من قبل ادارة مكة للهيئات ، وفيما كان يدعو الى الله على بينة ذات يوم في سوق ابن حموض في المسقي الواقع بين القرعا وتمنيه صادف وجود لجنه من الدعاة ارسلهم مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله للمنطقة لدعوة الناس والبحث عن دعاة خاصين ليبلغوا الناس امور دينهم وكان الملك سعود رحمه الله قد خصص لهم عدد من الوظائف لذات الشأن حسب طلب المفتي .وحينما سألوا كيف نلتقي بالناس . قيل لهم ان اجمل مكان لتجمع الناس والالتقاء بهم ووعظهم هو الاسواق .وفيما هم يدلفون لسوق بن حموض فوجؤوا بالشيخ صالح يدعو الناس الى الله على بصيرة فوجدوا فيه ضالتهم وامسكوا به وأصدروا قرا تعيينه من لحظتها على المرتبة الخامسة حينما كان سلم الرواتب مقلوبا يعني الثامنة الان تقريبا ومن يومها وهو معينا داعية في الهيئة وفي دار الافتاء ويأخذ راتبين حتى انتقل الى جوار ربه رحمه الله قبل سنوات عشر تقريبا .
ومن تحاوري الممتع مع ابا عبد العزيز وما علق منه بذاكرتي المهترئة أجّلت الحديث عن كثير من الامور الخاصة والعامة وكلها جميلة وذات قيمة قد يأتي زمنها للبوح بها وبالذات ماتحاورنا به من جانبي بالرغم من أن تاريخي الصحفي كله مفخخا وقد يضرني وقد لايضر غيري خصوصا اذا وضّحت خفاياه فالناس اليوم ترفض الحقائق والصدق مع النفس وقد يلجأ الاغبياء للنظم الوضعية المعلبة المستوردة للانتقام اذا كشفنا سوءاتهم والحقائق والاحداث . ولكن ليس هذا وقتها . نعود لصلب الموضوع فنقول : من المؤكد أن أبا عبد العزيز كان متميزا في سيرته الصحفية في صحيفتي الرياض ورسالة الجامعة ووكالة الأنباء السعودية بالرياض وفي أبها واذاعة الرياض والتلفاز كمذيع ومعد ومقدم برامج من تلفاز ابها ولولم تجبره الظروف الأسرية للعودة للجنوب مبكرا بعد الجامعة وقدر له مواصلة دراسته لكان نجما عربيا كبيرا في الاعلام ففيه سمات القيمة العلمية والنبوغ والتفوق الذاتي والفكري وهو الان مكتفيا بالضحك على الواقع الاعلامي وللقنوات بالذات ويقيّم العقول المشاركة والمتابعة للقنوات ومن فيها وما فيها من أمام الشاشة للكثير من الاعلامين وبرامجهم على طريقة الحاوي حين يراقص الثعابين بثقة أمام الجمهور ولا يخشى سمومها أما الصحافة فقد اكتفى بتركها على طيها من قبل الموزعين ولا يريد ان يفلها فتطير صفحاتها مع الريح لخفة مافيها . كم هو رائعا ابا عبد العزيز أعني سعيد بن صالح آل نعمه .وكم أنا سعيد بمعرفته فقد أغناني عن كثير من المتزلفين الذين كنت أظنهم أصدقاء انقياء فإذا هم بمنزلة عداء اغبياء .
تغريدة .. هو العقل ولا غيره يبين قيمة الانسان .
محمد بن علي آل كدم القحطاني
التعليقات 2
2 pings
محمد بن علي آل كدم القحطاني
06/11/2016 في 1:14 م[3] رابط التعليق
استدراك من الكاتب :
اعتذر للقراء الكرام من كوني نسبت القول
( قبح من وجه وقبح حامله ) للجاحظ
و الصحيح أن هذا القول للحطيئة وليس للجاحظ
اعتذر للقائل وللقارئ عن هذا الخطأ الغير مقصود مني ،
و أعتقد أنه لن يفوت على فطنة القارئ العزيز
(0)
(0)
محمد الجـــــــابري
14/11/2016 في 5:22 م[3] رابط التعليق
الشكور لابو عبد العزيز اللي يردك لنا كلما راودك الهروب
ونضالك مع الصحافه واحداث التاريخ وصانعيه مفخره لنا وللصحيفه
اتمنى ان نرى ما تخفيه عنا خاصة “حقبة ناصر واحداثها “..
تحياتي ابا ياسر
(0)
(0)