تختلف حياة كل إنسان عن الآخر اسرته طفولته نشأته شبابه ومن ثم شيخوخته، لكل منا حياة مختلفة حتى لو تشابهت في بعض جوانبها فلا يمكن الحكم على حياة إنسان لم تعش أنت تفاصيلها وتقف على كيفيتها ومن الظلم أن تقحم نفسك في حياة الآخرين وتحلل وتنتقد وأنت لا تعرف عنهم سوى القليل والقليل جداً، عبثاً تحاول الخوض في حياة أنت لا تعرفها ولم تعشها ولم تكتوي بنارها ولم تسعد بأفراحها، فلا تتخذ قرار نيابة عن أحد ولا تفكر عنه ولا تتحدث عنه ولا تختار بدلاً منه.
القرار يحتاج إلى تفكير عميق ودراسة واعية واضحة لجميع الجوانب وتحديد السلبيات والايجابيات ومدى النفع والضر والتسرع في اتخاذه له عواقب نتيجتها الندم والخسارة. القرار يحتاج الى تحكيم العقل دون أن يكون للعاطفة حضور حتى يكون صائب ونتائجه جيده، أكاد اجزم أن الكثير منا قد تعرض الآف المرات إلى أمور في حياته تتطلب الى اتخاذ قرار والبعض تسرع واتخذه لينتصر لنفسه والبعض مازال في عراك بين رغباته وقراره.
سأذكر هنا بعضاً من القرارات التي نقف أمامها في حيرة وخوف وقلق بين واقع نعرفه ومجهولا، لا نعلمه نقف حائرين مشتتين خائفين !!
على سبيل الحصر لا العد فالقرارات كثيرة وتختلف باختلاف الظروف والدوافع والرغبات والحاجات والاهمية هناك ما يحتاج للتأجيل وهناك العاجل الذي لابد من الفصل فيه، وهناك الوقتي الذي يزول بزوال الاسباب والدوافع وهناك الدائم المستمر الذي لانهاية له وتركه دون اتخاذ قرار ضرباً من الجنون.
وامثلة ذلك كثيرة ومتشعبة ومنها قرارات اساسية لاستمرار الحياة كالوظيفة والزواج والانجاب والسكن الدراسة العلاج، الوظيفة قرار تسبقه خطوات كثيرة ابتدأً من البحث عن الوظيفة المناسبة والدخل المناسب والمكان المناسب التي تكفل للفرد واسرته حياة كريمة، الزواج قرار يتخذه الفرد متى ما شعر برغبته تجاه اكمال نصف دينه وهذا القرار يتطلب البحث عن شريكة الحياة المناسبة من جميع النواحي الاجتماعية والدينية والاخلاقية والتعليمية ومدى التوافق بينهما.
الانجاب قرار يتخذه الطرفين عند رغبتهم في تكوين اسرة بعد فترة يقضيانها مع بعضهما تعتبر مرحلة اكتشاف كل طرف للآخر ميوله رغباته احتياجاته اهتماماته وهل لديهم الرغبة في الاستمرار مع بعض والانجاب وتحمل المسؤولية ؟
السكن قرار يحتاج الى العمل للوصول للهدف من معرفة العقار والأسعار واختيار المناسب والمتوافق مع ظروف الفرد واحتياجاته ودخله المادي وهذا القرار يحتاج الى مسانده من شريكة الحياة الطرف الاخر الزوجة ووضع ميزانية خاصة لتنفيذ هذا القرار كالالتزام بشراء الضروريات فقط وتجنب الاسراف في الانفاق بشكل مستمر ودائم.
الدراسة قرار يحتاج الى جهد مضاعف ورسم اهداف واضحة للسير نحوها بكل عزيمه واصرار ثم اختيار ما يتوافق مع ميولك وحاجة سوق العمل ويحقق لك الوصول الى احلامك وتطلعاتك ومستقبلك.
العلاج قرار يتخذه المريض وذويه عند الحاجة إليه ويحتاج الى قرار سريع وعاجل لإنقاذ حياة المريض تجنباً لعدم تدهور صحته او تعذر علاجه في حالة اهماله وعدم الاهتمام بمراحل العلاج والمتابعة.
بين القرارات الاساسية التي تستقيم الحياة بوجودها او بعضاً منها وبين القرارات المصيرية التي تتطلب البحث عن الحلول العاجلة واتخاذ القرار المناسب تلك القرارات المؤلمة لدى الكثيرين ممن دخلوا في دوامة من الحيرة والخوف والقلق تجاه قرارات قد لا تكون صائبة وقد تحتاج الى الكثير من الإدراك والوعي والتفكير والاستشارة والاستخارة ومن ثم يتم اتخاذ القرار وأمثلة ذلك كثيرة منها:
الطلاق والانفصال، ترك الوظيفة، ترك الدراسة، بيع السكن ،حضانة الابناء ، كلها قرارات مخيفة مرعبه مؤلمة لجميع الاطراف لكنها تحتاج الى اتخاذ قرار.
قرار الطلاق متى يتخذ ؟وماهي ظروفه وملابساته ؟وكيف ؟ ولماذا؟
وبما أنه ابغض الحلال لكن له ظروفه الخاصة رغم مراراته وعواقبه وألمه حين تستحيل الحياة مع الشريك أما لعدم الانسجام والتوافق واختلاف الطباع والحياة الاجتماعية والعوامل النفسية والصحية حين تصبح الحياة جحيماً لا يطاق مشاكل دائمة وصراعات مستمرة وحياة بائسة حين يرمي كل طرف بالتهم على الآخر ويزول بينهما الاحترام ولا يتنازل اياً منهما عن رأيه ويهتم بتعديل سلوكه ويزداد الامر سوءً اذا كان بينهم اطفال مما ينتج عن تأخر اتخاذ القرار ازدياد اعداد الاطفال الذين سيعيشون هذا الصراع ليل نهار وكلا الشريكين يرى أنه على حق وأن الاخر هو المخطئ وينتج عن هذا الصراع اطفال نفسياتهم مدمره فاقدون للأمان.
قرار ترك الوظيفة لابد أن يسبقه دراسة،ما لبديل؟ وهل هو متوفر؟ وأين ؟ وكيف؟ وهل هو أفضل مادياً ومناسب وظيفياً ؟ هل ذلك سيحقق لك الاستقرار النفسي والأمن الوظيفي ؟ والدخل المادي الجيد وهنا تبدأ دوامة الصراع بين قرارك وخوفك ورغبتك.
قرار ترك الدراسة لابد أن يكون قرار مدروس من جميع الجوانب لماذا اتخذت قرار ترك الدراسة؟
هل لديك شيء افضل ؟ ما لذي تريد تحقيقه ؟ ماذا ستفعل أذا تركت الدراسة ؟
قرار كهذا يحتاج الى فهم للواقع الحالي ونظرة للمستقبل القادم..
قرار بيع السكن من القرارات المصيرية التي تحتاج الى تروي ودراسة وبعد نظر ماذا بعد بيع السكن؟
هل هناك بديل مناسب؟ أن لم يكن أفضل !!
قرار حضانة الابناء قرار له اطراف متعددة لا يجب أن يقترن الطلاق بتصفية الحسابات بين الشريكين من خلال ابنائهم، فالأبناء لا ذنب لهم في هذا الصراع ولم يختاروا تلك الحياة البائسة المؤلمة دعوهم جانباً فأنتم الأمان بالنسبة لهم وإذا فقدوا الأمان من أقرب اثنين لهم ستندمون وستخسرون الكثير.
لابد أن يصحب القرارات المصيرية تفكير عميق وخيار مناسب .
قرارك هو مصيرك فأحسن الاختيار والاساليب والطرق والادوات التي تجعلك لا تندم ولا تخسر الكثير انظر للقرار أنه مصير حياة اما أن تستمر وتعيش كما اراد الله لك وترضى بالمقسوم ، وأما أن تقضي عمرك في العتاب والتضجر والتسخط ، دوامة لا تنتهي من اللوم ، تندب حظك وتبكي حالك وتشكي دنياك وتلوم نفسك وترمي بتبعات قراراتك على الآخرين واما أن تضع الامور في نصابها الصحيح وتعيد التوازن لحياتك من جديد.
تذكر دائما ً أن الخطوة الأولى التي لا يمكن الأستغناء عنها لكي تحقق ما تريده في الحياة هي: أن تقرر ماذا تريد.
بقلم/ فاطمة الجباري
قرارك هو مصيرك
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6357187.htm
التعليقات 6
6 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
غلاوووي
04/07/2017 في 7:21 م[3] رابط التعليق
مقال رائع كما عودتنا أستاذه فاطمة نعم نحتاج إلى اختيار القرار المناسب في الوقت المناسب
(0)
(0)
اثيرر
04/07/2017 في 8:28 م[3] رابط التعليق
كلام جميل جدا استاذه فاطمه ابدعتي
(0)
(0)
ابو مشاري
04/07/2017 في 9:58 م[3] رابط التعليق
موضوع جيد اجدا اختي فاطمه بس للاسف بعض القرارات صدقيني نختارها واحنا مجبورين عليها
او من الممكن ان لا نكون قد خططنا لها استراتيجين قبل ان نتخذها
شكرا لك ولطوحك
(0)
(0)
ام تركي
04/07/2017 في 10:53 م[3] رابط التعليق
الراااائعه فاطمه
مقالك جميل جدا واختيار الموضوع فيه دلاله على اتقانك لقوانين وآداب التعايش الاجتماعي ودلاله على تقديرك للآخرين والطرح راقي جدا وواقعي ومصداقا لرأيك اقول كل قرار هو ناجح وبدايه لحياة جميله في حاله واحده اذا سُبق بدعاء وبعده رضا هنا فقط تكون كل قراراتنا مباركه لان الدعاء والرضا يحبهما الله جل شأنه فنعط الله مايحب ليعطينا مانحب كما قال بذلك ابن الجوزي رحمه الله زادك الله من فضله واتم نعمته عليك وجعلك مباركه
(0)
(0)
Am
06/07/2017 في 5:07 ص[3] رابط التعليق
ماشاء الله تبارك الرحمن الى الامام أستاذه فاطمه
(0)
(0)
أبو محمد
06/07/2017 في 12:57 م[3] رابط التعليق
مقال رائع جداً و واقعي من كل النواحي بإختصار قرار فعلاً هو مصيرك لتحديد إما حياة ناجحه أو حياة فاشله
(0)
(0)