البساطةُ جسرٌ يربطُنا بأصولِنا الآدميةِ، فقدْ أتينا هذهِ الدّنيا مُعدمينَ من كلّ شيءٍ متجردينَ من التعقيدِ والتكلفِ، نتدثرُ بإنسانيّتنا ونمُدّ جذورَ الحبِّ للأرضِ لنحيَا ونسعدَ، وننظرَ للحياةِ بواقعيةٍ وقناعةٍ، فلا نمنحُها أكْبر من حجمِها الطبيعيِّ حتى نكبر وتبدأُ تتسعُ دائرةُ الطموحِ وتمتدُّ بنا الآمالُ ننطلقُ نحو غاياتِنا ..
وحينَ نبدأُ في صنعِ الوسيلةِ لذلك تغزونا جحافلُ الطمعِ تجرُّ معها أساطيلُ الغرورِ والتخَلي عن سمتِنا وهويَّتنا المتمثلة في بساطتنا ..!
عالمنا اليومَ عالمٌ مضطربٌ ومتحركٌّ يموجُ في بحرٍ من المتغيراتِ المتلاحقةِ والمتسارعةِ، يغلبُ عليهِ القفزُ بقوةٍ نحوَ التطورِ والمدنيةِ المبهرةِ، ممَّا استدعَى معَها أن يخلعَ البعض منَّا بكلِّ أسفٍ رداءَ البساطةِ وتنكُّر للماضي والأصالةِ لمواكبةِ هذهِ القفزات !!
الحياةُ اليومَ لم تعدْ كما كانتْ قبلَ ثلاثةِ قرونٍ مضتْ، كانتْ البساطةُ وعدمُ التكلفِ في كلّ شيءٍ، فلا مظاهرَ مزيفةً في الشكلِ ولا حتى طريقَة الحَديث، ولا حتى ما يحدثَ في المناسباتِ من مُبالغاتٍ وفي كلّ ما يتعلقُ بها ..
افتقدنَا نكهةَ قهوتِنا العربيةِ في دلالِها الصفراءِ، وتحلُّقنَا حولَها في جلساتٍ بريئةٍ نضحكُ من أعماقِنا، حتى أشْكالنا الطبيعيّة تغيرتْ فمن كنت تعرفها بالأمسِ قدْ لا تعرفها اليوم شكلًا ومضمونًا، طمسْنا هويَّاتنا ببلادةٍ وجهلٍ ، تخلّينا عن أبسطِ ما كان يميزُنا عنْ الآخرينَ حينَ تبعنَا غيَرنا فيما يعتنقونَ ويُؤمنون !!
حارِبوا لأجلِ أصالتكُم، وتمرّدوا على أهوائِكم بالتسلُّلِ لمدائنِ البسطاءِ، وممارسةِ طقوسِ الحياةِ البسيطةِ الخاليةِ من التكلفِ ..
بعثرُوا ما عَلقَ بكم من قناعاتٍ أنّ الفخامةَ في المظهرِ والإبهارِ فالبسطاءُ ينعمونَ بحياةٍ ممتعةٍ ومريحةٍ جدًّا ..
عُودوا إلى فطرتِكم الأولى ليَبدوَ لكم العالمَ بمنْ فيهِ كما هوَ بلا تجميلٍ مخلٍّ إذْ ليسَ هناكَ أروعُ من علاقةٍ طبيعيةٍ بين البساطةِ والنقاءِ ..
تجرَّدوا من الكمالياتِ المعنويةِ والتفخيمِ المُقْلقِ والذي من شأنهِ أنْ يُبَلوركم في قالبٍ لا يناسبكَم تضيقُ به ِأنفاسكم، وترْهنُها بما لا تقتنعْ بهِ، فأنتم
لستم مجبرين أنْ تظهروا بما يرضِي الآخرينَ عنكَم، بلْ قدّموا أنفسكم بما يليقُ بكم، ولا أجملَ منْ أن تكونَ بسيطًا غيرَ متكلفٍ، والأجمل من ذلكَ كلّهِ أن تتأنّق بالثباتِ على المبْدأ دونَ تأرجحٍ ..
البساطةُ في كلّ شيءٍ عنوانٌ للثقةِ بالنفسِ واعتدادٌ بمظاهرِ الحياةِ وإن لمْ تبهِر المزَيَّفُون .
لِتَبْقَى بَسَاطَتُنَا
(0)(2)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6518971.htm