زاوية: في خضم الحياة...
أكثر من عامين مضت على لقاء سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يحفظه الله، مع مجلة ذي اتلانتيك، والذي تحدث من خلاله على العديد من النقاط الجوهرية والحيوية والمهمة، كان في مطلعها الإجابة على السؤال الاستهلالي من الصحفي بقوله:" إنني أتردد على البلاد منذ عام 2019م. وفي كل مرة أصل فيها أرى تغييرًا، ومزيدًا من الحداثة، ومزيدًا من التقدم، إننا نقترب من 2030م، وقد أصبحت البلاد مشابهةً لدبي، ومشابهة أيضًا بصورة بسيطة لأمريكا. هل تعتقد أن السعودية ستتغير عن حالها وتصبح مثل بقية العالم؟
فأجاب ولي العهد –حفظه الله -قائلا: "ولذا لا نريد أن نقدم مشاريع منسوخة من أماكن أخرى، بل نريد أن نضيف شيئًا جديدًا للعالم، فالكثير من المشاريع التي تقام في المملكة تعد فريدة من نوعها، إنها مشاريع ذات طابع سعودي ...الخ"
ثم توالت الأسئلة والإجابة عليها إلى آخر ما جاء في ذلك اللقاء المطول الذي استمر أكثر من خمسين دقيقة ...
لكن ما أود التركيز عليه هو عندما وجه الصحفي سؤالاً لولي العهد عما إذا كان يحصل على مشورة صادقة ومباشرة من مستشاريه، وهل يشعر بأنه محاط بأشخاص يقولون له الحقيقة ويتحدثون معه بكل صراحة ...
وكانت إجابة ولي العهد حينذاك "نعم؛ وإن كان هناك إمعة فيمن حولي فيجب أن يرحل في أقرب وقت ممكن".
كانت تلك رسالة مباشرة ليست للمستشارين المتواجدون حوله، والذين هم أهلاً للثقة والأمانة – نحسبهم كذلك والله حسيبهم-لكنها رسالة موجة لكل مسؤول مهما قل أو على شأنه ومهما اختلف القطاع الذي يعمل به سواء القطاع الحكومي المدني أو العسكري أو القطاع الخاص أو حتى القطاع غير الربحي ...
إنها رسالة تحمل الكثير من الجدية والتوجيه والمباشرة ... نعم يجب على كل إمعة أن يرحل في أقرب وقت، واليوم لا غداً. فالشخص الإمعة هو خطر على نفسه وعلى المجتمع من حوله، لا يقدم أي جديد، ولا يعرف الابتكار، حائر الخُطى، يسير كالدابة المربوطة بحبل في يد أحدهم، ليس له رأي ولا قرار واضح، ولا يعرف التفكير الأبداع، يسرق أفكار الآخرين وينسبها لنفسه، لأنه غير قادر على العطاء ولا حتى على المشاركة بإيجابية وعقلانية في أي حوار فعال.
إن الإمعة ذو شخصية ضعيفة مهزوزة، يشبه إلى حدٍ كبير الأجهزة التي تعمل من خلال (الريموت كونترول) فلا تعمل ذاتياً لكنها تعمل بالتحكم عن بعد. فالشخص الإمعة الغير إبداعي هو شخص لا يقدم شيء إلى عمله ومجتمعه، سِوى التراخي والتباطؤ والإهمال، وبالتالي لا يُعتمد عليه في شيء، ولا تؤخذ منه المشورة، ولا يؤتمن على سرٍ، ولا يُؤمَن له جانب، وهو أسوء جلسي، كالإسفنج يتشرب كل شيء ولا يبالي بالعواقب، والإمعة في الغالب يعيش ذليلاً منسلخاً من قيمه ومعتقداته.
جاء في المعجم الكبير فيما رواه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-أنّه قال: (لا تكونوا إِمَّعَةً، تقولون: إنْ أحسَنَ الناسُ أحسنا، وإن ظلموا ظلَمْنا، ولكن وَطِّنوا أنفسَكم، إن أحسَن الناسُ أن تُحسِنوا، وإن أساؤوا أن لا تَظلِموا).
ونعود إلى ما جاء في إجابة ولي العهد النموذجية على السؤال الأول " نحن لا ننسخ المشاريع، بل نحن نحاول أن نكون إبداعيين".
لذلك رؤية المملكة العربية السعودية المباركة لا مكان فيها لأي إمعة، المكان فقط يتسع لكل من لديه التفكير الإبداعي الذي يدفعه للتفكير خارج الصندوق، ولكل من يتصف بالتفكير التصميمي، ولكل مبدع يستغل قدراته العقلية لتدفعه للبحث عن الجديد ومن ثم تصنيعه وإنشاءه وإنتاجه، وأيضاً المكان فيه فسحة لكل مبتكر يجتهد ليأتي بأشياء جديدة ومفيدة لم يأت بها أحد من قبله... هذا ما يقصده ولي عهدنا رعاه الله وحفظه، لتحقيق الرؤية المباركة على أكمل وجه، لتكون نبراساً وعلماً وغاية لما سيأتي بعدها من رؤى مباركة تسير في نورها وركابها أجيالاً من أبناء هذا الوطن القوي الذي يأبى إلا أن يكون في مقدمة شعوب العالم في كل مجالات الحياة.
الكاتب: علي أحمد السحاري
1446/02/15هـ - 2024/08/19م
التعليقات 2
2 pings
ياسين
21/08/2024 في 5:32 م[3] رابط التعليق
مشاء الله تبارك الرحمن حبيبي علي اتمنى لك توفيق ومزيد من العطاء في هادا الميدان الجميل الدي تعبر فيه بكل حب ومودة وحترام اتمنى لك صديقي توفيق في مسيرتك
Turki
21/08/2024 في 10:44 م[3] رابط التعليق
انعم واكرم
حقيقة كاتب ومفكر ومبدع