إن حياتنا مزيجُ من الأفراح والأتراح ، الألم والأحزان ، السعادة والشقاء، العسر واليسر، الضيق والفرج، الصحة والمرض ، الحياة والموت.
حياتنا فيها الكثير من الابتلاءات والعثرات والإحباطات والإخفاقات والنجاحات والإنجازات والعطاءات وبين هذه وتلك نعيش معركة الحياة بحلوها ومرها. نتعثر هنا و ننهض هناك، نفشل هنا و ننجح هناك.
يا ترى ماهي تلك القوة الخفية؟
التي تعيد الحياة إلى قلوبنا بعد كل ابتلاء أو عثرة أو إحباط أو سقوط أو خسارة!!
الرحيل المفاجئ لشخص عزيز يشعرنا بالألم ويفقدنا الشعور بطعم الحياة يعذب قلوبنا ويدمر مشاعرنا ويقض مضاجعنا ونكتوي بنار الفراق ليل نهار (ربنا لا تحملنا مالا طاقة لنا به).
الظلم الذي يسيطر على تعاملاتنا أفراد وجماعات يقتل ما تبقى من مبادئنا وقيمنا ويولد لدينا الشعور بالانتقام ويجعلنا نرى الحياة بمنظار أسود قاتم (ربنا لا تحملنا مالا طاقة لنا به).
الكذب والنفاق الذي يحطم صدق جوارحنا ويسيطر على جمال علاقاتنا ويرهق أرواحنا ويدمر الصدق في قلوبنا ويخلق فينا ارواح جديدة غير قادرة على التعايش مع الواقع المر (ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به).
التعالي والكبر الذي سيطر على قلوبنا ومنعنا من قول كلمة الحق والاعتراف بالذنب والإنصات لصوت الحق الجم افواهنا نجلد ذواتنا ونعاتب أرواحنا (ربنا لا تحملنا مالا طاقة لنا به).
الذنوب والآثام والمعاصي التي تسود قلوبنا وتصادر إحساسنا بطعم السعادة وتسيطر على جميل أخلاقنا ومبادئ ديننا ولن يجلو ذلك الصدى ويذهب ذلك الشعور الا دعوة صادقة تخرج من قلوبنا (ربنا لا تحملنا مالا طاقة لنا به).
الفقر والعوز والحاجة وقلة ذات اليد تسلبنا راحتنا وتجعلنا في بحث دائم وصراع مستمر بين الحاجة والعوز وبين شح الدخل وقلة المورد بين اطفال يتضورون جوعاً وصاحب بيت يطلب ايجاراً وصاحب بقالة يريد سداداً حينها أرسلها للسماء (ربنا لا تحملنا مالا طاقة لنا به).
نبتلى بعقوق الابناء وسوء خلقهم وقلة أدبهم مع صبرنا عليهم وأحساننا لهم ثم يقابلون ذلك بالنكران والجحود بفضاضة وغلظة حينها ردد (ربنا لا تحملنا مالا طاقة لنا به).
نقابل في حياتنا أشخاص سلبيون سوداويين لا يرون للحياة جمالاً ولا لنعم الله حمداً وشكراً متأففون عابسون ناقمون، حديثهم بؤس وهم وغم غادرهم بأدب وقل (ربنا لا تحملنا ما لإطاقة لنا به).
تجمعنا الأيام بشخصيات عالمهم غير عالمنا وفكرهم غير فكرنا وتربيتهم غير تربيتنا جعلوا قيمة الانسان في حدود عائلته ولباسه وشهاداته وكأنهم هم المصرفون لشؤونه أو المتصدقون عليه مهما أحسنت إليهم يتعاملون بدونيه وقلة احترام تترجم ذلك افعالهم وتصرفاتهم عندها أكتفي بربك ونفسك وقل (ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به).
تبتلى بالمرض أنت أو أحد اقربائك فتتألم لألمه وتتمنى أن تنتزع الألم من جسده وروحه وأن تلبسه لباس الصحة العافية ، فتصبح مهموماً حزيناً عاجزاً لا تملك حولاً ولاقوه عندها ردد (ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به).
أن تتعايش مع واقع ترفضه لا تجد فيه ما يمنح روحك صفائها وهدوئها وراحتها ولا لحياتك معناها ترتدي جلباب الحياة وأنت ميت وتستمر رغم مرارتها وقسوتها (ربنا لا تحملنا مالا طاقة لنا به).
أطلق تلك القوة الخفية في لحظات ضعفك وألمك وحزنك ووجعك أطلقها فهناك ربٌ كريم يسمعك رحمن رحيم يرحمك قوته تفوق كل التوقعات ورحمته وسعت كل شيء تلك القوة التي يجدها المؤمن في لذة السجود في دمعة الانكسار في دعاء الاسحار (ربنا لا تحملنا مالا طاقة لنا به).
بقلم / فاطمة الجباري
التعليقات 21
21 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
Hessa
18/07/2017 في 3:09 م[3] رابط التعليق
?? (ربنا لا تحملنا مالا طاقة لنا به).
(0)
(0)
امل محمد
18/07/2017 في 3:25 م[3] رابط التعليق
سلمت يداك دائما مميزه كعادتك
(0)
(0)
آلاء حمود
18/07/2017 في 3:31 م[3] رابط التعليق
جذبني كثيراً عنوان المقالة وكانت بالفعل اسماً على مسمى ، أحببت فيها الاستناد بالآيات القرانية التي تبعث السكينة في الروح وتقويها .. شكراً لك مبدعة كما عهدتك.
(0)
(0)
نجاة العطاس
18/07/2017 في 3:38 م[3] رابط التعليق
موضوع رائع لامست فيه الحقيقة
لكن القوة الخفية يستمدها المسلم من قوله تعالى ( فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً
(0)
(0)
سلطان حمود
18/07/2017 في 3:55 م[3] رابط التعليق
اختصار للقين بالله بكل ماتعنيه الكلمه احييتي قلبي يأمي سلمت يمينك
(0)
(0)
غاده السحيمي
18/07/2017 في 4:07 م[3] رابط التعليق
《قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله》
الواقع السيء لا يؤثر في شعور الرجل الصالح وثقته بربه وهذا ماحصل ليعقوب حين فقد ابنه يوسف عليهم السلام…”
(0)
(0)
ام نوف
18/07/2017 في 4:39 م[3] رابط التعليق
(ربنا لاتحملنا ما لاطاقة لنا به )
ترتدي جلباب الحياة وانت ميت
غاية في التعبير
ازال الله همك وهمي وسخر لنا عبادة الصالحين
ودمتي لي
(0)
(0)
نوره المالكي
18/07/2017 في 4:41 م[3] رابط التعليق
شي رائع كلمات تدخل في صميم القلب ماشالله تبارك الله
(0)
(0)
Rehab
18/07/2017 في 4:43 م[3] رابط التعليق
مقالٌ متميز ورائع حروفه تلمست الواقع بكل احترافية ومهارة قلمٍ من الكاتبة ..
مزيداً من التقدم وإلى الأمام أيتها الكاتبة المتميزة ..
(0)
(0)
ام تركي
18/07/2017 في 5:05 م[3] رابط التعليق
استاذتنا الرااائعه مقالك اليوم تجاوز حد الروووعه لانه لامس فؤاد كل من يعيش في دار البلاء ولخّصت به هموم البشر واردفتيها بالدواء باااارك الله بك وبعلمك وفهمك للحياة وزادك من فضله
(0)
(0)
لولوة الوهيبي
18/07/2017 في 5:18 م[3] رابط التعليق
مقال رائع بروعتك يالغاليه ❤
عندي إضافة يالحبيبة أن الشكوى لغير الله مذلة يجب أن نعرف أن الشكوى للخالق فقط لانة بقوته وحوله قادر على تغيير الأمور وﻻ نشكو للناس بالإضافة إلى الصبر والتحمل
(0)
(0)
ايمان طيب
18/07/2017 في 7:16 م[3] رابط التعليق
سلمت يداك فاطمة مقال رائع يجبر كسر القلوب ويرفع من طاقة المؤمن الايجابية
فعلا ربنا لاتحملنا مالاطاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولانا افنصرنا على القوم الكافرين …
“ايتين من اخر البقرة من قالها في ليلة كفتاه”
(0)
(0)
شهد الجباري
18/07/2017 في 7:16 م[3] رابط التعليق
وأفتخر أنك أمي?
فعلاً أنها قوة خفيه لا يشعر بلذتها إلا من جربها ..
سلمت يداك .. ولا عدمناك ..
(0)
(0)
Am
18/07/2017 في 7:30 م[3] رابط التعليق
مبدعه تسلم يدك ع كل حرف تكتبيه
(0)
(0)
ام دانه
18/07/2017 في 7:47 م[3] رابط التعليق
(ربنا لاتحملنا مالا طاقة لنا به)
لو خذاك الحزن لدروب العتيم
لاتمل الصبر وتخاف الظروف
ابتسم مادام لك ربٍ كريم
وأحتسب مادام لك ربٍ يشوف ???
(0)
(0)
رقة ورد
19/07/2017 في 1:01 ص[3] رابط التعليق
جميلة جدا كتاباتك .. اتمنى ان تكون كتاباتك القادمة بعيدا عن الالام والمعاناة فلننظر الى الجانب الايجابي بدون التذكير بالامور السلبية التي نتعرض لها ..وفقك الله ..
(0)
(0)
ام هنو
19/07/2017 في 2:06 ص[3] رابط التعليق
فعلا كلام في الصميم احيانا يشعر الانسان بالاحباط والياس وصدقتي تلك قوة خفية تخرجه مماهو فيه لافض فوك اختي فاطمة
(0)
(0)
عبدالمحسن
21/07/2017 في 6:22 ص[3] رابط التعليق
من أعظم نعم الله على الناس أن سخر لهم من يعبر عن ما يدور في خواطرهم ويلامس مشاعرهم ليتقووا بكلماتهم على صعود الدرج ليستقيموا بها بعد العرج
ويمسحوا الدمعة و ويشعلوا الشمعة .. لا فوض فوك ولا عاش حاسدوك ❤️
(0)
(0)
توته الحنونه ثالبه جباري
21/07/2017 في 5:09 م[3] رابط التعليق
قال الله تعالى :(الم نشرح لك صدرك)
من كلماتك الراقيه في معنى القوة الخفية ينشرح الصدر
للتذكير في المضمون وهو قولك وتذكيرك لنا دائما في وجود رب رحمن رحيم يرحمنا في السجود في دمعة الانكسار ?
جزاك الله خير ووالدينا ووالديك اللهم امين.
(0)
(0)
منى
24/07/2017 في 5:48 م[3] رابط التعليق
سلمت أناملك أختي الغالية مقالاتك رائعة كروعتك ،،،كلماتك تدخل في الصميم …
أسأل الله لك التوفيق والسداد …
(0)
(0)
ام مالك
25/07/2017 في 5:57 ص[3] رابط التعليق
(ربنا لاتحملنا مالاطاقة لنا به)امين يارب كلام جميل وأسلوب راقي بارك الله فيك وفي قلمك نتمنى منك المزيد?
(0)
(0)