منذ بدأ الله الخلق والناس تحتاج إلى بعضها البعض، فلا يستغني الكبير عن الصغير ولا الصغير عن الكبير ولا الفقير عن الغني ولا الغني عن الفقير، قال تعالى "وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ"، كل منّا له دوره وله موقعه الذي من خلاله يخدم أسرته والناس من حوله ومجتمعه وبالتالي يخدم دينه ومليكه ووطنه، وبعد التطور الذي شهده الإنسان على مدار العصور أوجدت الوظائف العامة التي كان أساسها خدمة المواطن في الدولة، فالموظف الحكومي صغر أو كبر هو ممثل لولي الأمر يقوم على شؤون الرعية، وهو موظف ينوب عن ولي الأمر في تسهيل أمور المواطن وتوفير كل السبل الممكنة من أجل حل مشاكله وتوفير سبل الراحة له.
ولأن المسؤولين الكبار لهم مشاغلهم التي نقدرها جيداً فقد قاموا بوضع بعض الترتيبات من أجل تنظيم وتسهيل التواصل مع المواطن، ومن هذه الترتيبات أن يكون للمسؤول سكرتير خاص أو مدير مكتب دوره الأساسي ترتيب الأمور الخاصة به ومساعدة المواطن للوصول بطلباته للمسؤول ليستمع إليها ويجد الحلول المناسبة لها.
هذا النظام تحول تدريجياً من نظام يسهل التواصل مع المسؤولين إلى نظام يعيق هذا الاتصال حيث ان بعض مديري المكاتب أو السكرتاريين أصبحوا بكل بساطة وبدون مراعاة لظروف المواطنين يتحججون بعشرات الحجج من أجل عدم اعطاء المواطن الفرصة لمقابلة المسؤول المختص ليشرح مشكلته ويقدم مطالبه، وأصبح المدير أو السكرتير الموجود بين المسؤول وبين المواطن أكبر عقبة من أجل حل أي مشكلة تمر بالمواطن، ومن منا لم تصادفه مثل تلك المواقف، وقد لامست ذلك شخصياً عند محاولتي للقاء أحد المسؤولين، لأجد الإجابة قبل حتى السؤال "طويل العمر في اجتماع".
أطال الله أعماركم جميعاً، ولكن، ماذا يفعل المواطن المغلوب على أمره ومتى يستطيع مقابلة المسؤول، والسؤال الأهم متى تطبق سياسة الباب المفتوح الذي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأين توجيهاته - حفظه الله - من أن كل الأبواب مفتوحة وكل المكاتب مفتوحة وكل التليفونات مفتوحة.
تعودنا على مر السنين ومنذ تأسيس مملكتنا الغالية أن كل ملوكها من عهد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله وأمده بالصحة والعافية - على سياسة تعزيز سبل التواصل بين المواطن وولاة الأمر، فكل هؤلاء العظماء كانوا لا يضعون أبداً أي عوائق ليتواصل أي مواطن معهم مهما قلت أو عظمت درجته، ولكن ما يطبق في المستويات العليا في مكاتب خادم الحرمين ونائبيه وأمراء المناطق - حفظهم الله جميعاً - لا يطبق في مكاتب معظم الوزارات للاسف الشديد.
إن سياسة الباب المسدود التي يتبعها بعض المسؤولين تضخم المشكلة وتُظهر صورة سيئة للمسؤولين مما يتسبب في ظهور أساليب ملتوية من قبل المواطن ويجعله يلجأ إلى المحسوبية المقيتة والواسطة البغيضة داخل الدوائر والمصالح الحكومية.
لذلك فإنه يجب على مديري المكاتب والسكرتاريين أن يحترموا المراجع ويفتحوا قلوبهم قبل عقولهم ومكاتبهم له، ويسهلوا أمره ويعملون على تذليل كل الصعاب فلولا المواطن واحتياجه للخدمة لما كانت مناصبهم ووظائفهم، كما أننا في عصر المعلومات التي تسهل الاجراءات بين المواطن والمسؤول فهناك البريد الإلكتروني مثلاً الذي يُمَكن المواطن من التواصل بسهولة مع المسؤول، كما يمكن وضع صندوق للشكاوى والاقتراحات ويقوم المسؤول شخصياً بمتابعته كما يمكن وضع رقم هاتف أو رقم جوال لتسهيل التواصل، وما الذي يمنع أن توضع لوحة خلف الموظف تبين كيفية التواصل مع المسؤول في حالة وجود مشكلة أو شكوى يحتاج المواطن توصيلها، وستكون خطوة ايجابية كبيرة إن قام المسؤول بتخصيص أيام محددة في الأسبوع بأوقات محددة لمقابلته وجه لوجه وشرح احتياجات ومشكلات المواطن للمسؤول شخصياً.
فهل نجد حلاً سريعاً لتقديم الخدمة المطلوبة للمواطن تنفيذاً لتوجيهات وأوامر ولاة الأمر حفظهم الله وتفعيل سياسة الباب المفتوح؟
التعليقات 1
1 pings
م/سعيد بن علي الحبابي
27/03/2016 في 1:55 م[3] رابط التعليق
مقال في غاية الروعة تشكر علي جهودك يا اخي الدكتور محمد القحطاني ونتطلع لكل جديد
(0)
(0)