تعريف الفتنة :: الفتنة في اللغة - جماع معنى الفتنة في كلام العرب : الابتلاء ، والامتحان وأصلها مأخوذ من قولك : فتنتُ الفضة والذهب ، أذبتهما بالنار ليتميز الردي من الجيد ، الفتنة ما يتبين به حال الإنسان من الخير والشر، يقال: فتنت الذهب بالنار، إذا أحرقته بها لتعلم أنه خالص أو مشوب، ان الله سبحانه وتعالى قد ابتلانا بالشر والخير وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَسورة الأنبياء 35. إن الابتلاء بالخير والشر فتنة من الله تعالى ليبلو بها النفوس، فيظهر الصابرون، ويسقط المنافقون الضعفاء.
والفتن لا تكون في وقت دون وقت؛ بل الفتن في جميع أطوار الخليق كما قال الله تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) هذه سنة الله في خلقه سبحانه وتعالى.
إن هذه الفتن التي يبتلينا الله بها في الدنيا متعددة، فمنها فتنة المال، ومنها فتنة الجاه، ومنها فتنة الاضطهاد والطغيان، ومنها فتنة الزوجة والأولاد، يقول الله سبحانه وتعالى: وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَسورة التوبة 75-77. هذه فتنة المال الذي إذا جاء إلى الإنسان، فإنه إذا لم يثبته الله عز وجل زلت قدمه، وهوى في مراتع الفساد والمعاصي، وأشغله ماله عن ذكر الله تعالى، فلم يعد يجد وقتاً لعبادة الله عز وجل، وبذلك يكون المال وبالاً عليه، ونجد أيها المسلمون عدداً من الناس الذين تغيرت أحوالهم المادية، فتخرج من الجامعة فصار موظفاً بعد أن كان طالباً، أو اشتغل بتجارة فصار له مال بعد أن كان فقيراً أو متوسطاً، نجد حال هؤلاء قد تغير، وأنهم قد وقعوا في المعاصي، وصاروا يسهرون السهرات المحرمة، ويسافرون السفريات المحرمة، ويجلسون في مجالس السوء، وينشغلون بالمعاصي التي فتحت عليهم أبوابها بفعل أموالهم، وكذلك من الناس من يصبح له جاه بعد إذ لم يكن، فيكون الجاه عليه فتنة، يكون له فتنة، وعليه وبال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه). لا يفسد دين المرء مثلما يفسده المال والجاه، كما أن زريبة الغنم لا يفسدها مثلما يفسدها ذئبان جائعان أطلقا فيها، فهكذا شبَّه النبي صلى الله عليه وسلم المال والجاه، ولذلك فإن فتنة الجاه كانت للكفار عظيمة، فلما رأوا الضعفاء مع النبي صلى الله عليه وسلم يجلسون أبوا أن يجلسوا وتكبروا عن تلك المجالس، فهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم أصحابه ليجلس هؤلاء، فأنزل الله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَافمن زينتها الجاه الذي إذا لم يستخدمه صاحبه في الخير أضر به ضرراً عظيماً وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًاسورة الكهف 28.
فكيف وقد بُليت الأمة اليوم بالأجهزة الذكية وإن كانت غير زكية! وبرامج التواصل الاجتماعي، حتى ابتُلي الكثير من الرجال والنساء بـ: الخلوة الالكترونية! فزلّت بسببها الخُطَى! وانتشر فيها الخَطَأ، وكُسر العفاف، وانسلخ الحياء، فكم من عاضٍ على أصابع الندم، وهو يلتفت إلى زمن الحياء من ورائه وقد أدبر وفات؟
وكم من أسيرةٍ كسيرةٍ قادتها دهاليز الخلوات الالكترونية إلى ظلمات تحتها ظلمات؟! ًنحن نعيش الآن واقعًا مليء بفتن لا يعلم بها إلا الله، فتن قتل وهرج، فتن فضائيات وإعلام مضلل، فتن إنترنت وشائعات وانفتاح على العالم، كلٌ يكتب ما يريد دون وازع من ضمير يردعه إلا من رحم ربي، وغيرها الكثير من الفتن التي نحتاج فيها عون الله تعالى أن يثبتنا ويبصرنا فيها بالحق،.
بقلم : حصة سلمان الجهني