انتهت مرحلة وهن على وهن ، وابتدت مرحلة الأمومة الفاخرة، نعم أمومة فاخرة ، فالأمومة هي أجمل إحساس تشعربه الأنثى ، إذ إن الأنثى الطبيعية هي من مارست دور الأمومة في سني حياتها الأولى ، تجسد ذلك خيالاً طفولياً عندما اقتنت الدمية وعاملتها وكأنها طفلة نشأت بين يديها الصغيرتين الحانيتين .
إن الأمومة شرف لكل أنثى .
إنه عندما يرزق الله الأنثى نعمة الولد ، ويحرم أخريات من هذه النعمة ، فإن المسؤولية الملقاة على عاتقها هي أضعاف مايقع على غيرها ممن حرمت هذه النعمة . فهي نعمة وأمانة في نفس الوقت ، ومن المعلوم
كأن النعم لاتدوم إلا بالشكر ، والأمانة لايستوفى حقها إلا بالمجاهدة والصبر .
إن غريزة الأمومة لاتقف عند البشر فحسب ، بل حتى الحيوانات تتشارك فيها ، وبرأيى أن الأمومة عند البشر لابد أن تختلف عن الأمومة عند الحيوانات .. فأمومة الحيوانات هي في أن تلد ، وتدافع عن أطفالها ، وتوفر لهم الطعام ، والمسكن الآمن .
وليس كل أنثى تحمل وتلد تصبح أمًا ، فهناك نساء أصبحن أمهات ومارسن الأمومة دون أن يحملن ويلدن .
فهناك أمومة حقيقية و أمومة شكلية ، ومن واجبي كأم أن أبحث عن المثالية في أمومتي ، وأسعى في أن تكون من الدرجة الفاخرة جدًا .
ولكي تحصلي على شرف الأمومة الفاخرة لابد أن تكوني على أتم الاستعداد للتضحية ، فعندما ترفض كثير من الأمهات الرضاعة الطبيعية للطفل ، وهي تستطيع ذلك ولم تقدم ذلك الشرف لها وللطفل ، فقد حُرِّمَت من لذة التواصل العاطفي والروحي مع طفلها في أيامه الأولى من حياته ، مما سيصعب عليها التواصل الروحي بعد ذلك .
وعندما تنشغل عن فلذة كبدهابأمور غير مهمة ، وتجعل جل تربيته على عاتق الخادمة ، وتريد منه بعد ذلك أن يصير طفلاً مثالياً ، فهي هنا قد تنازلت عن أهم مرحلة في حياتها وحياة طفلها.
وهنا يكمن في خاطري سؤال مهم : هل صحيح أن الأمومة أصبحت صعبة بحيث لايمكن لفتيات هذا الجيل تحملها ؟؟
لقد أصبحنا نرى العديد من النساء في عصرنا يتمرَّدْنَ على الأمومة ؛ بسبب الإعلام الذي يقلل من دور الأم ، فيمثل دائمًا بأن الأنوثة هو تحرر الأم من قيود الرضاعة والحمل والتربية ، والالتفات للذات فقط .
لقد انتشرت في الآونة الأخيرة دورات تركز على الذات ، وتهمل ماسواه فتجد محتوى الدورة يقوم على تركيز شكلي ظاهري أكثر من الجوهري ، حتى نشأ لدينا بنات متمردات على عاداتهن وتقاليدهن بل ودينهن .
إنني لست أنسى تلك اللحظة التي احتضنتني فيها إحدى طالباتي قائله : تصدقين ياأستاذتي أنني أحتضنك أكثرمن والدي ووالدتي !
لقد كان كلامها لي بمثابة الضرب على الوتر ، وعندما سألت عن والدتها اتضح لي أن لها شهرًا خارج البلاد للاستجمام ، فهي في حد زعمها سيدة أعمال وتحتاج لشيء من النقاهة.
وحكيم من قال ( اذا أردت أن تسلب عدوك قوته فابدأ بنسائه )
فأنت ثم أنت ثم أنت أيتها الأم من شرفك الله بالبر ثَلَاثًا ، كوني أمًا بارة لتحظي بالبر أضعافًا مضاعفة ، كوني أمًا تستمتع وهي تُمارس هذا الدور العظيم ، كوني أمًا لاترضى لأبنائها الدون في الدين والفكر والأخلاق، كوني أمًا مثقفة وواعية لدورك الجليل الذي تقوم عليه الأمم، كوني أمًا فاخرة من الطراز القوي المتين.
وفي الختام إن كان أبنائي سيرونني كما أرى أنا أمي ؛ فأنا أم عظيمة.