تراتيل الوطن
تأملت نورة بنظره باهتة تلك الستائر المخملية المتدلية بطريقة فنية على تلك النافذة الباهتة وقفت نورة بخطوات مثقلة من على سريرها متجهه إلى تلك النافذة وبكل خطوة كانت تلك الذكريات تمر في ذاكرتها لتعكس تلك الابتسامة السعيدة المغمورة بشعور من الحزن والارتياح
استرقت نظراتها إلى تلك النافذة لتطل على تلك الشجرة التي زرعها والدها وهي متأملة أوراقها المتساقطة لتعلن عن قدوم الشتاء ولو كان لتلك الشجرة من صوت لنطقت لتأن وحدتها وحزنها أنسابت دمعه مثقلة من عيني نوره ويداها ممسكه بطرف الستائر المخملية وكأنها تحاول أن تتمسك بما بقي في ذاكرتها من ذاك الحنين القادم من الأعماق وماهي إلا لمحة من لمحات الزمن حتى لاحت تلك الملامح الحنونة التي أتعبها الزمن وهي ممسكه بيدها ,يقف والد نوره متأملا شجرة صغيره كان قد أتى بها من قريته التي كان يعيش فيها
وارتفع صوت أم نوره ليقطع حبل ذكرياتها
نورة......حبيبتي...ألا تريدين
تناول الشاي معي فردت نورة بصوت ملئ بالدفء والحنان سأوافيك يا والدتي خلال دقائق...
عادت نورة إلى ذكرياتها وكأنها تحاول أن تسترد ما فقدته إلى الأبد
جلست نورة إلى مكتبها وأرخت برأسها على ذلك الكرسي وهي مسترسلة لتنقل عينيها على تلك الصورة التي جمعتها
مع والدها ووالدتها وأخويها عندما تخرجت من الجامعة وتمتزج تلك اللحظات المسترسلة في ينبوع ذاكرتها .
أغمضت عينيها لترى في ذاكرتها تلك الجلسة التي كان يتوسطها والدها والتي كان والدها متكئا إلى جانب التلفاز التي كانت الأخبار وقنواته جل ما يهتم بها جلسته في الساحة الخارجية للمنزل يتوسط أولاده يغمرهم بكل حب وحنان و جلساته التأملية تحت
تلك الشجرة على ذلك البساط المصنوع من القش.
رن الهاتف لينتشل نوره من صندوق ماضيها
ترددت هل ترد أم تدعه يمضي...
فتره طويلة مضت لا تحب أن تجيب على الهاتف ...
أمسكت بالهاتف فردت بذاك الصوت الهادئ من المتكلم
فاجاب المتصل: أنا خالتك يانوره أردت أن أطمئن عليكم ؟
فردت نوره نحن بخير ولله الحمد فقالت خالتها بحماس : غدا ً اليوم الوطني أعاده الله على هذا الوطن الحبيب باليمن والمسرة هل أنتي مستعدة له يانوره ,فردت بهدوء بإذن الله فسئالت خالتها وماذا اعددتي له ياكاتبتنا ؟
قالت نورة: بعضاً من الكلمات .
فردت الخالة بحماس لا أنا لن يكفي فضولي ذلك إلا أن أتي إليكم سآتي بعد صلاه المغرب.
فردت نوره: أهلا وسهلا بك خالتي الغالية
تنفست الصعداء وتنهدت وفي لمحه الذاكرة التي نحاول جاهدين أن نتفاداها ولو كان باستطاعتنا أن نغير لحظتها لما قصرنا في ذلك.
عندما رن الهاتف نفسه قبل سنوات في الواحدة بعد منتصف الليل لترد عليه نورة مسرعة فإذا بذلك الصوت يخبرها بان والدها استشهد وهو يودي واجبه العسكري على أطراف حدود الوطن .
تخلت عن سماعة الهاتف....
بهدوء والضابط مازال يتحدث إليها وتهاوت تلك الدمعة بهدوء لتستقر في قلبها لتجعل منه قلبا ينبض حزنا لألم الفراق الأبدي ....... اه يا والدي يبدأ ميلادها من بين أضلعي كم اشتقت اليك وكم افتقدتك
أبي الحبيب كان كل عيد يرسم على وجهي ابتسامه ,أما بعد رحيلك فان ليله العيد ولدت على خدي آلف دمعة والدي علمتني الحب والولاء والوفاء فاعطيت وطني مكنون قلبي.
من أجلك ياوطني قطعت شريان دمي ورويت به ترابك لتنعم بالأمن والأمان من أجلك ياوطني انتزع قلبي من بين أضلعي لينبض قلبك بالحياة ولا يتوقف.
من أجلك ياوطني ذرفت الدموع بلا الم ومن أجلك أهب الروح والحياة والأمل.
امتزجت الحقيقة بالخيال والماضي بالحاضر والمستقبل بالأمل.
لتعلو كلمات الإطراء والتهليل والتصفيق في المسرح الثقافي لتلك الكلمات التي دونتها نوره بدموع لعشق الوطن.